موضوع: محمد عليه الصلاة والسلام في نبوءات أشعياء 1/20/2008, 11:23 pm
يكاد سفر أشعياء أن يكون في مجموعه – فيما خلا بعض روايات الأحداث – مجموعة من النبوءات، منها ما يرى فيه أهل الكتاب من يهود ونصارى إنه تنبؤ بميلاد المسيح عليه السلام وهو قوله: ها العذراء تحبل وتلد ابناء وتدعو اسمه عمانوئيل، زبدا وعسلا يأكل متي عرف أن يرفض الشر ويختار الخير أشعياء:الإصحاح السابع: 14و15 وقد كان إيمان من آمن بالمسيح عليه السلام من اليهود اقتناعا منهم بأنه النبي الذى تنبأ بمولده أشعياء في هذا النص من سفره، لكونه ولد من عذراء ولما تحقق علي يديه بإذن الله من المعجزات التي أخبر عنها أشعياء، وكان كفران سائر اليهود دعوته وإنكارهم أنه المسيح الذى تنبأ به أشعياء مستندا – في قولهم إلي عدم ظهور "إيليا" – وهو علامة على مجيئه – قبل بعثته،وهو ما أنكره عليهم المسيح عليه السلام مخبرا أنه يوحنا المعمدان " يحيي بن زكريا عليه السلام"، فقد جاء في إنجيل لوقا : " كانت كلمة الله علي يوحنا المعمدان " يحيي بن زكريا عليه السلام" ، فقد جاء في إنجيل لوقا : " كانت كلمة الله علي يوحنا بن زكريا في البرية فجاء إلي جميع الكورة المحيطة بالأردن يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا، كما هو مكتوب في سفر أقوال أشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة" - لوقا: الإصحاح الثالث : من 2 إلي 4 وقد ورد في سفر أشعياء العديد من النبوءات التي تبشر بمولد رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، وببعثه رسولا يهدى للحق وللدين الذى بعث به، نجيزئ منها الآتي: النبوءة الأولى : جاء فى سفر أشعياء قولة: " لأنه هكذا قال لي السيد، اذهب أقم الحارس ليخبر بما يرى، فرأى أزواج ركاب فرسان، ركاب حمير، فأصغى إصغاء شديداً، ثم صرخ كأسد أيها السيد أنا قائم علي المرصد دائماً في النهار وأنا واقف علي المحرس كل الليالي، وهو ذا ركاب من الرجال أزواج من الفرسان، فأجاب وقال سقطت، سقطت بابل وجميع تماثيل آلهتها المنحوته كسرها إلى الأرض" (أشعياء الإصحاح الحادى والعشرون: من 6إلي 9). وفي هذا القول تنبؤ ببعثة نبيين رسولين أحدهما يدخل مدينته راكبا حمارا، والآخر يدخلها علي جمل، وقد دخل المسيح عليه السلام أورشليم على حمار: " حينئذ أرسل يسوع تلميذين قائلا لهما اذهبا الي القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتاناً مربوطة وجحشا معها فحلاهما وائتياني بهما، وإن قال لكما أحد شيئا فقولا الرب محتاج إليهما، فللوقت يرسلهما ، فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل قولوا لابنة صهيون هو ذا ملكك يأتيك وديعا راكباً علي أتان وجحش ابن أتان" (إنجيل متي : الإصحاح الحادي والعشرون : من 1 إلي 5)، كذلك فقد دخل محمد عليه الصلاة والسلام يثرب علي ناقته القصواء" وبدعوته تحطمت الأصنام والتماثيل التي كانت تعبد من دون الله. فيكون الرسولان اللذان تنبأ أشعياء بهما هما المسيح عيسي ابن مريم ومحمد عليهما الصلاة والسلام. النبوءة الثانية : وجاء في سفر أشعياء قوله: " في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين، هاتوا ماء لملاقاة العطشان ياسكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من أمام السيف قد هربوا، من أمام السيف المسلول ومن أمام القوس المشدودة ومن امام شدة الحرب، فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفني كل مجد قيدار، وبقية عدد قسى أبطال بني قيدار تقل لأن الرب إله إسرائيل قد تكم " (أشعياء: الإصحاح الحادي والعشرون: من 13 إلي 17). وما جاء في هذا القول هو تنبؤ بهجرة رســول الله صلى الله عليه و سلم من مكـة إلي المدينة المنورة، فالدادنييون الذين ورد ذكرهم في النص هم المنتسبون إلي دادان وهو أحد أجداد قريش من نسل إسماعيل عليه السلام، والوعر من بلاد العرب هو الطريق الذى بين مكة والمدينة المنورة، والأمر الصادر في النبوءة إلي أهل يثرب (المدينة المنورة) بمقابل المهاجرين بالطعام والشراب وبالإحسان إليهم قد تحقق بالفعل بما كان من أهل يثرب المهاجرين كذلك وصف أشعياء المهاجرين – في نبوءته – بأنهم قد غادروا أرضهم فرارا بدينهم وبعقيدتهم وأنفسهم هربا من ظلم أعدائمهم، وتضمنت النبوءة وعدا بانتصار أتباع هذا النبي المتنبأ به وفناء المجد الظالم الذى كان يظل أبناء قيدار وهو كفار قريش المنحدرون من قيدار بن بنايوت بن إسماعيل عليه السلام. كما تضمنت إخبارا عن نقصان عدد فرسان الكفار بعد سنة من الهجرة أو أكثر من سنة، وذلك لتشبيه هذه السنة بسنه الأجير التي يشعر بطولها لما يناله خلالها من مشقة.وقد تحقق هذا إذ قل عدد فرسان كفار مكة وأبطالهم بعد أن آمن كثيرون منهم برسول الله صلى الله عليه و سلم وبعد أن قتل إله بني إسرائيل فتعليله إنه في الوقت الذى تنبأ فيه أشعياء بأمر هذا النبي لم يكن غير شريعة موسي عليه السلام شريعة الله، وكان الإله الواحد الحق هو إله بني إسرائيل أما غيرهم ممن لم يؤمنوا بشريعة موسي عليه السلام فقد كانوا يعبدون آلهة آخرى مثل بعل زبول والأصنام والتماثيل، فجاء بيان أن هذا القول هو قول الله سبحانه وتعالي. النبوءة الثالثة: وجاء في سفر أشعياء: " أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك يدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم، تتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين ف الظلمة. أنا الرب هذا اسمي ومجدى لاأعطيه لآخر ولا تسبيحي للمنحوتات... هو ذا الأوليات قد أتت والحديثات أنا مخبر بها، قبل أن تنبت أنا أعلمكم بها. غنوا للرب أغنية جديدة تسبيحة من أقصي الأرض، أيها المنحدرون في البحر وملؤه والجزائر وسكانها، لترفع البريه ومدنها صــوتها الديار التي سكــن فيها قيدار. لتترنم سكــان سـالع. من رؤوس الجبال ليهتفوا. ليعطوا الرب مجدا ويخبروا بتسبيحه في الجزائر، الرب كالجبار يخرج، كرجل حروب ينهض غيرته، يهتف ويصرخ ويقوى علي أعدائه.... يخزي خزيا المتكلمون علي المنحــوتات، القائلون للمســبوكات أنت آلهتنا" (أشـعياء: الإصحاح الثاني والأربعون : من 6 إلي 17). وهذا القول يتضمن الإخبار بنبوءتين تتاليان، إحداهما هي الأقرب تحققا في الزمان من تاريخ الإبلاغ وقد شملتها الآيات من 6 إلي8، وهي النبوءة الخاصة بالمسيح عليه السلام دعاه الله بالبر وحفظه وجعله عهدا للشعب أى لبني إسرائيل، وهو مايعني وصف المسيح عليه السلام دعوته – في البداية – بأنها لهداية بني إسرائيل ثم إن الله جعله نورا للأمم، وفي ذلك إشارة إلي قيام المسيح عليه السلام بتوجيه تلاميذه قبل رفعه ليبشروا الأمم برسالته علي ما جاء في الإنجيل " وقال لهم اذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مرقس الإصحاح السادس عشر: 15). وبعد ذلك يعلن أشعياء صراحة أن ما أخبر عنه آنفا هو الأسبق تحققا في عمر الزمان وأنه سيتبعه ما هم مخبر عنه " هو ذا الأوليات قد أتت، والحديثات أنا مخبر بها قبل أن تنبت أعلمكم بها". أما هذا الذى يخبر به متنبئا فهو مجئ تسبيحه جديدة يرتفع بها الصوت من أرض قيدار. وإذا علمنا أن قيدار هو ابن بنايوت إبن إسماعيل عليه السلام وأن أرضه هي مكة المكرمة وأن التسبيحة الجديدة التي ترتفع بها الأصوات هي الأذان يعلن به عن مواعيد الصلاة إذا علمنا هذا فإنه يتأكد لنا أن النبوءة إنما تتعلق برسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، فإذا أضفنا إلي ذلك ما ذكره أشعياء بشأن الهتاف باسم الله وبتمجيدة من فوق رؤوس الجبال وهذا وصف لتهليل المسلمين وتكبيرهم في الحج لدى الوقوف بجبل عرفات، فإنه يكون محققا لدينا أن الدين الذى بشر به أشعياء هو الإسلام وأن النبي المبشر به في النبوءة هو محمد عليه الصلاة والسلام الذى وصفه أشعياء بأنه رجل حرب يقوى علي أعدائه، وقد كان هذا هو حال المصطفي عليه الصلاة والسلام الذى تم به القضاء علي عبادة الأصنام في أرض رسالته كما جاء في النبوءة. النبوءة الرابعة : وجاء في ذات السفر: " ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد، أشيدى بالترنم أيتها التي لم تمخض لأن بني المستوحشة أكثر من بني ذات البعل قال الرب، أوسعي مكان خيمتك ولتبسط شقق مساكنك. لاتمسكي، أطيعي أطنابك وشددى أوتادك، لأنك تمتدين إلي اليمين وإلي اليسار، ويرث نسلك أمما ويعمر مدنا خربة. لا تخافي لأنك لاتستحين، فإنك تنسين خزي صباك، وعار ترملك لا تذكرينه بعد لأن بعلك هو صانعك رب الجنود أسمه ووليك قدوس إسرائيل إله كل الأرض يدعو .. أيتها الذلية المضطربة غير المتعزية هأنذار أبني بالإثمد حجارتك وبالياقوت الأزرق أؤسسك، وأجعل شرفك ياقوتا وأبوابك حجارة بهرمانية، وكل تخومك حجارة كريمة، وكلي بيتك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا. بالبر تثبتين بعيدة عن الظلم فلا تخافين وعن الأرتعاب فلا يدنومنك . ها إنهم يجمتعون اجتماعا ليس من عندى، من اجتمع عليك فإليك يسقط. ها أنذا قد خلقت الحداد الذى ينفخ الفحم في النار ويخرج آلة لعمله وأنا خلقت المهلك ليخرب. كل آلة صورت ضدك لا تنجح، وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه. هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندى يقول الرب" (أشعياء الإصحاح الرابع والحمسون:من 1 إلي 17). وفي معني هذه النبوء فإننا نعلم أن الأنبياء يتكلمون فى نبوءاتهم بالرمز والمثال فإذا ماتدبرنا هذا القول وعلمنا أحوال البلاد والعباد من قبل زمان هذه النبوءة إلى اليوم فإننا ندرك الآتي: (1) إن العاقر التي لم تلد – المذكورة فى النبوءة – هي مكة المكرمة، وصفت بأنها عاقر لأنها لم تخرج من بعد إسماعيل عليه السلام الذى جاءها طفلا مع أمه هاجر دون أن يكون قد نبت بها إلي زمان النبوءة أنبياء، وإسماعيل عليه السلام هو ابن المستوحشة التي هجرها زوجها، ونسله هم العرب العدنانيون فهم – في النبوءة – أبناء المستوحشة الذين ذكرتهم النبوءة بأنهم يصيرون أكثر من بني " ذات البعل" وهي سارة التي بقي معها إبراهيم عليه السلام، ومن أبنائها بنو إسرائيل، والمعني إن وصف مكة بالعاقر قد جاء في مقارنة مستترة بالقدس أو أورشليم التي أنجبت الأنبياء. وقد بشرت النبوءة مكة أو العاقر بأنها تمتد يمنا وشمالا وبأن ابناءها سيرثون امما ويعمرون مدنا خربة، وذلك فى بشارة بانتشار الدين الذى تبدأ دعوته في مكة لتنتشر في أنحاء العالم فتعمر به النفوس الخربة بجهالة الكفر والشـرك ، وفـي النبوءة طلب من مكة أن تسبح الله وتحمده علي ما أولاها من نعمة كونها أم المبعوث رحمة للعاملين. (2) إن القول – في النبوءة – إن بعل العاقر هو صانعها رب الجنود اسمه، وإنه يدعي من بعد إله كل الأرض، إنما يعني إن راعي مكة هو خالقها الله الذى كان اليهود يسمونه "رب الجنود" في تمييز بينه وبين ماتعبد سائر الشعوب من آلهة، كذلك فإن قول النبوء إنه سيدعي " إله كل الأرض" يتضمن الإشارة إلي عالمية الدعوة للدين الذى يظهر نبية من مكة فلا يعود الرب إله بني إسرائيل وحدهم وإنما إله جميع المعبود في جميع أنحاء الكون. (3) تشير النبوءة إلي الكعبة المشرفة وإلي إعادة بنائها وإلي قدوم المؤمنين بالدين الذى يظهر نبية في مكة في كثرة إليها، والذين تصفهم النبوءة بأنهم أبناء الرب. وهذا هو حال حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين وزائرى البيت، كما تشير النبوءة إلي ما سيكون عليه حال مكة من تحريم دخولها علي الكفار والمشركين. (4) تطمئن النبوءة مكة والكعبة المسجد الحرام بحماية الله، وبأنه سيكون اجتماع القوة المادية عليها فيسقط من اجتمعوا عليها، وذلك ما كان – من بعد – من أمر أبرهة وجيشه حين أراد هدم الكعبة، وبأنه سيكون هناك محاجاه بالقول وهجــوم علي الدين الذى يبعــث نبيه من مكة بالكتابة وبالمشافهة وبوسائل الإعلام المختلفة، وسـيكون النصر لدين الله الذى يتمســك به المؤمنون، وذلك علي ما يبين من قول النبوءة " كل آلهة صــورت ضـدك لا تنجح وكل لســان يقوم عليك في القضــاء تحكمين عليه. هذا هــو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندى يقول الرب". النبوءة الخامسة : وجاء إيضا في سفر أشعياء: " قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك، لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس الأمم ، أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يري، فتسير الامم في نورك والملوك في ضياء إشراقك. أرفعي عينيك حواليك وانظري قد اجتمعوا كلهم، جاءوا إليك، يأتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك علي الأيدى. حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول إليك ثروة البحر ويأتي إليك غني الأمم، تغطيك كثرة الجمال بكران مديان وعيفة كلها تأتي من شبا تحمل ذهبا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب، كل غنم قيدار تجتمع إليك، كباش بنايوت تخدمك، تصعد مقبولة علي مذبحي وأزين بين جمالي . من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام إلي بيوتها، إن الجزائر تنتظرني وسفن ترشيش في الأون لتأتي ببنيك من بعيد وفضتهم وذهبهم معهم لأسم الرب إلهك وقدوس إسرائيل لأنه قد مجدك " (أشعياء : الإصحاح الستون: من 1إلي9). وسبحان الله العظيم ليس هناك وصف أدق وأوضح لحال مكة المكرمة والكعبة المشرفة وقت أداء المسلمين فريضة الحج من هذا الوصف الذى ذكره أشعياء عام واحد وسبعمائه قبل الميلاد، وهو وصف لحالها منذ أظهر الله دينه إلي اليوم وإلي آخر الزمان. فبينما يخيم ظلام الشرك والفكر المادى علي دول العالم فيكون ظلم القوى منها ضعيفها – وليس مثل الظلام ظلام – بينما يكون هذا هو حال العالم يكون الأمر علي خلافة في مكة المكرمة عند بيت الله الحرام وقت الحج، حيث يلبي المؤمنون الدعوة بالحج فيملأ أركانها النور- وليس مثل نور الإيمان – يمجدون الله ، ومنهم الملوك والرؤساء يتساوون ورعاياهم لايستنيرون إلا بنور الله وبنور الإيمان – ثم يصف أشعياء حال الحجيج فيقول إنهم قد أتوا من أماكن بعيدة، وهم من الكعبة المشرفه بيت الله بمزلة الأبن من أمه – علي ما جري عليه وصف المؤمنين في العهد القديم بأنهم أبناء الله – فيكون لمكة المكرمة – مهد الرسالة – أن تفرح بقدوم الحجيج من أقاصي الأرض معهم الأموال والبضائع فيكون في الحج أداء الفريضة وتمجيد الله كما يكون فيه تحقيق المصالح المادية والمالية " كلها تأتي من شبا تحمل ذهبا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب " وهو ما صدق به في القرآن العظيم في قوله تعالي : وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {27} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ - سورة الحج آيتا 27و 28 ويقطع بأن نبوءة أشعياء تعلقت بحال مكة المكرمة وقت الحج وصفه ما يكون من إحضار أغنام قيدار – وهو علي ما علمنا حفيد إسماعيل عليه السلام جد العرب العدنانيين- وكذا ما يكون من التضحية بكباش بنايوت – وهو علي ما علمنا ابن إسماعيل عليه السلام – وقد ذكرت نبوءة أشعياء أن هذه الكباش وتلك الأغنام تصعد مقبولة إلي مذبح الرب، وذلك في تعبير عن نحر الأضاحي في الحج من بعد الصلاة. وعلي هذا فإن النبوءة تعلن أن مسرح هذه الأحداث هو أرض أبناء بنايوت وأبناء قيدار من جزيرة العرب وليس أرضا غيرها، ثم إن النبوءة تبلغ ذورة الدقة عندما تصف كيفية حضور الحجيج من جميع أنحاء العالم قريبها وبعيدها إلي الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، فتقول إن منهم من يأتي طائرا- وجاء هذا القول في وقت لم يكن فيه أحد يتخيل أنه ستكون هناك طائرات تستخدم في التنقل – وأن منهم من يأتي بطريق البحر، ومنهم من يأتي بطريق البر راكباً أو راجلا " من هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام إلي بيوتها، إن الجزائر تنتظرني، وسفن ترشيش في الأول لتأتي ببنيك من بعيد" ثم توضح النبوءة أن حجاج بيت الله الحرام قد أنفقوا الأموال من أجل أداء فريضة الله الذى أكرم مكة بظهور رسوله عليه الصلاة والسلام منها وعظم بيته، وهو الله الحق الذى بارك إسرائيل (يعقوب) عليه السلام من قبل. محمد عليه الصلاة والسلام في نبوءة حبقوق : جاء في سفر حبقوق: " الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران، جلاله غطي السماوات والأرض امتلأت من تسبيحه" (حبقوق : الإصحاح الثالث : 3). وهذه النبوءة تذكر واقع نزول الشريعة اليهودية علي موسي عليه السلام في سيناء (أرض تيمان) وتعـلم بنزول القــرآن علي رســول الله صلى الله عليه و سلم في مكة – وهي برية فاران – وأنه بظهور دين الحق الذى ينبلج نوره من مكة المكرمة تتحقق عبادة الله وتمتلئ الأرض بالتسبيح له. المراجع الإسلام في صحف الأولين و كتب المرسلين - للدكتور : محمد محمود سعيد